مقدمــــــــــــة.
المبحث الأول: ماهية التعديل.
المطلب الأول: تعريف التعديل.
المطلب الثاني: القيود التي ترد على التعديل.
المطلب الثالث: مراحل تعديل الدستور.
المبحث الثاني : إنهاء و إلغاء الدستور.
المطلب الأول: الطرق القانونية.
المطلب الثاني: الطرق غير القانونية.
المطلب الثالث: أثار الإنهاء أو الإلغاء.
الخاتمـــــــــــة.
المبحث الأول: ماهية التعديل
المطلب الأول : تعريف التعديل.التعديل هو تغيير جزئي لأحكام الدستور سواء بإلغاء البعض منها أو بإضافة أحكام جديدة أو بتغيير مضمون البعض منها وعليه فان التعديل يقتضي الإبقاء علـى نفس الدستور و أسـس وضع دستور جديد مثل دستـور 1989 الجزائر بناءا علي ذلك يتبين أن التعديل يختلف عن الوضع الذي يعنـي إنشاء دستور جديد كـما يختلف عن الإلغاء أو الإنهاء الكلي الذي يعـدم الدستور بصفة عامة .
أولا : أهمية التعديل وموقف الدساتير منه:
التعديل إجراء يفرض نفسه في بعض الأحيان لان الدستور وان كان قانون ساميا فهذا لا يعني انه خالد ثابت لا يتغير بل إن المستجدات وتغيـر وتطور الظروف المحيطة بالمجتمع تقتضي تعديل الدستور من اجل تكييفه و ملائمته مع ذلك المستجدات و الظروف تعديل الدساتير.
- حتى تكون الدساتير فعالة فلابد لها مـن ان تساير التطور وان تتغير بتغيـر الظروف ,ولا يتأتى هذا إلا بتضمينها نصوصا تسمح بمراجعتها من حين لأخر لأن الجمود المطلق قد يؤدي إلى محاولة تغييرها بالعنف ,ويعتقد البعض بان السبب الأعظم في القيام الثورات يعود إلى أنه بينما تتطور الأمم تظل الدساتير ثابتة .
والتعديل يأتي كمرحلة وسط بين الإنشاء (الوضع) ,والإنهاء وهو لا يقتصر على التعديل أحكام موجودة (مثل المادة 05 من تعديل 3 نوفمبر 1988) بل قـد يمتد إلـى إلغاء بعض الأحكام (مثل المواد :115,114,113من دستور 1976) أو إضافة أحكام أخرى (مثل المواد 144/2 و117/1من تعديل 3 نوفمبر 1988,وتعديل دستور 1996) رغم أنه أحيانا قد تصعب التفرقة بين التعديل والإنهاء .
وتصادفنا ثلاثة أنواع من الدساتير:
أ/ دساتير ترفض التعديل كليا:
وفي هذا يعود إلى أن الثورة الفرنسية قد عكست رأيا مؤداه أن الحقائق التي أسستها الثورة هي حقائق خالدة عالمية,وعليه فان الدساتير التي تترجم هذه الحقائق هي دساتير صالحة لكل زمان ومكان ,وهي غير قابلة للمساس أو التبديل , ولذلك فهي ليست في حاجة إلى المراجعة .
ب/ دساتير تشير إلى طريقة تعديلها:
وفي هذه الحالة يجب الالتزام بهذه الطريقة , وأية طريقة أخرى تعتبر غير قانونية
(المقصودة هنا هي الدساتير الجامدة وليست المرنة ).
ومن هذه الدساتير دستور الجزائر لسنة 1963( المواد: 73, 72, 71), ودستور سنــة 1976 المواد193, 192, 191 ), ودستور 1989(المواد :167,166,165,164,163,),والدستور الأخير لسنة (178,177,176,175,174) .
وقد خضع دستور 1976الى ثلاثة تعديلات :
- الأول كان في:07 جويلية 1979.
- الثاني كان بتاريخ :12جانفي 1980.
- أما التعديل الثالث وهو أخطرها على الإطلاق فقد كان في :3نوفمبر 1988, وقد قضي بإعادة تنظيم العلاقة بين التشريعية والتنفيذية , وكذلك أنشأ مركزه رئيس الحكومة .
أمـا دستور 1996 فقد خضع لتعديـل واحـد بحيث أدرجت فيه الأمزيغية كلغـة وطنية
ويلاحظ بأن دساتير أخرى تنص على ضرورة تعديلها بشكل آلـي فـي فترات متباعدة منهـا دستور"البرتغال "لسنة 1933الذي ينص على تعديله كل 10سنوات والدستور "البولوني " الذي يشترط تعديله بعد مرور 20سنة ...الخ.و على كل حال فان عملية التعديل قد تختص بها الهيئة التشريعية العادية, أو هيئة خاصة, أو الشعب عن طريق الاستفتاء.
ج/ دساتير لا تشير إلى طريقة تعديلها:
ويعتقد البعض أن الحق في تعديلها يعود إلى الجهة التي وضعتها ,أمـا البعض الآخر فيعتقد بأن هـذا الحق يعود إلـى الشعب باعتباره صاحب السيادة ولا يمكن فرض قيود علـى هـذا الحـق وتفسيره أن هناك إرادة جماعية تعبر عن الدستور وهي أعلى من الإرادة التي تعتبر عن القانون
ثانيا : شروطه:
يشترط أن يتم التعديل وفق إجراءات خاصة و محددة مسبقا في الدستور نفسه ، و هذا من أجل المحافظة على سموه وعلو منزلته و على جموده ، حتى لا يعدل الحكام حسب مشيئتهم و رغباتهم ، و يكون هذا التعديل وفقا لطرق و أساليب معينه تختلف باختلاف الأنظمة السياسية و كذا درجة الجمود التي يراد إعطاؤها للدستور.
المطلب الثاني: القيود التي ترد على التعديل .
القيود التي ترد علي التعديل أن القيام بالتعديل لا يعطي الحرية المطلقة للسلطة المكلفة به لتعديله حسب مشيئتها بل هـي مقيدة حسب السلطة التأسيسية الأصلية بجملة من القيود و تكون قد وردة من قبل في الدستور المراد تعديله قيـود تسمح بضمان عدم التلاعب بالدستور من قبل السلطة الحاكمة و التي تختلف من دستور إلى أخر حسب ظروف ومعطيات كل بلد و علي العموم تعديل الدستور عرف عـدة قيود عبـر التاريخ والتي يمكن حصرها في ما يلي :
1- منع التعديل بصفة مطلقة و هي نظرية قديمة نادى بها بعض الفلاسفة و رجال الثورة الفرنسية و هذا تقديس للدستور باعتباره نصا قانونيا كاملا لا يشوبه نقـص او عيب و أن الدستور يتضمن مبادئ لا يمكن تعديلها.
هذه النظرية غير واقعية لذلك لم يؤيدها التاريخ و هـي تؤدي إلى ثورة حقيقية علي الدستور أو حذفه و تجاوزه من حيث الممارسة لأنه لا يمكن تجميد حركة المجتمع و تطوره أحق إلي ذلك أن اغلب الفقهاء الفرنسيين يقرون بحق الأمة في تغيير الدستور كلما تحققت أسباب تغييره باعتبارها صاحبة السيادة .
2 - منع إلغاء دستور من خلال تعديله كما حدث في دستور 1976 الذي اعتبر مجرد تعديل دستور لكنه في الحقيقة كان إلغاءا فدستور 1989 كان مختلفا كليا فـي دستـور 1976 و بالتالي فانه إلغاء و ليس تعديل للدستور .
3 - اشتراط قراءة ثانية للدستور أمام البرلمان لمشروع التعديل مع المصادقة علي المشروع من قبل النواب البرلمان بنسبة لثلثي أو ثلاثة أرباع أعضائـه، و يجب الفصل بين القرائتين مدة زمنية معينة فمثلا دستور 1963 مدة ثلاثة أشهر بين القرائتين .
4 - منع تعديل الدستور بعد وضعه لفترة زمنية معينة من اجل تدعيم استقراره و تكريس العمل به ويكون هذا المنع لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات أو أي مدة يحددها الدستور.
5 - منع التعديل إلى بعد تحقق شرط معين من الدستور الأردني الذي اشترط بلوغ ولي العهد سن الرشد حتى يتم التفكير في التعديل.
6 - من التعديل في الظروف الطارئة مثل الحرب أو عدوان خارجي او مساس بالتراب بسلامة التراب الوطني (حسب المادة 194 من دستور الجزائر لسنة 1976 التي نصت
انه لا يمكن لأي تعديل أن يمس بالصفة الجمهورية للحكم بدين الدولة و بالاختبـــار الاشتراكي بالحريات الاشتراكية بالحريات الأساسية للإنسان و المواطن بمبدأ التصويت عن طريق الاقتراع العام المباشر السري و بسلامة التراب الوطني).
المطلب الثالث: مراحل تعديل الدساتير:
تمر إجراءات تعديل الدساتير بعدة مراحل أهمها :
أ – مرحلة الاقتراح:
قد يتقرر هذا الحق للهيئة التنفيذية وحدها و بالأحرى لرئيس الدولة بقصـد تكريس هيمنتها على غيرها من الهيئات، و يظهر هذا جليا في الدستور الجزائري لسنة 1976م المادة 191، و في المادة 192من دستور 1989 ، أو يعطي للسلطة التشريعية و حدها لنفس السبب مثلما هو الشأن في دستور الولايات المتحدة الأمريكية ( المادة:5).
وكذلك قد يعطي هذا الحق إلى كل من السلطتين التنفيذية و التشريعية بهدف إقامـة نوع من التوازن بينهما ، مثل دستور الجزائر لسنة 1963 ( المادة:71)، و دستـــور الجزائر لسنة 1996 ( الم م: 174، 177) ، و دستور فرنسا لسنة 1958، و قد يعطي للشعب فضلا عن البرلمان مثلما هو مطبق في دساتير بعض الولايات المتحدة الأمريكية ، و دستور إيطاليا لسنة 1946 ( المادة:61) ، ودستور سويسرا ( المادة 121/7).
ب – مرحلة قبول مبدأ التعديل:
حتى يمكن وضع مبادرة التعديل موضع التنفيذ فلا بد من قبول مبدأ التعديل ، وعادة مـا توكل صلاحية الفصل في مدى ضرورة التعديل إلى البرلمان الذي يجب أن يصوت على قبول مبدأ التعديل دون التطرق إلى موضوع التعديل.
وهذا ما هو موجود في فرنسا في ظل دستور1958 ، إذ أنه بعـد اقتراح التعديل يبقـى للبرلمان أن يقرر إذا ما كان هذا الاقتراح يجب ان يقبل أم لا ، وفي حالة الرفض يجهض مشروع التعديل ، أما فـي سويسرا فإذا رفـض البرلمـان اقتراح التعديـل فلا يجهض المشروع بل يقوم البرلمان بوضع مشروع تعديل مضاد ثم يحل الاثنان على الاستفتاء.
ج – مرحلة الإعداد:
قـد تقوم بالإعداد هيئة منتخبة لهذا الغرض ( الأرجنتين في دستور 1883) أو يقوم به البرلمان وفقا لشروط خاصة كاجتماع مجلسي البرلمان في هيئة مؤتمر و حضور نسبة خاصة في التصويت ، وقد يعهد به الى التنفيذية وحدها ( مثل الجزائر).
وفي بعض الدول قد يتم حل البرلمان و إجراء انتخابات جديدة لتشكيل برلمان جديد هذا الغرض ( رومانيا ) وقد يقوم به الشعب مثلما هو في ( سويسرا ).
د – مرحلة الإقرار ( النهائية ):
إن إقرار التعديل عادة ما يكون من اختصاص البرلمان مثلما هو الحال في الجزائر و فقا لدستور 1976 الذي يشترط أن يتم الإقرار بأغلبية 2/3 ( المادة:192) أو بأغلبية ¾ إذا تعلق مشروع التعديل بالأحكام الخاصة بالتعديل ( المادة:193 ) و كذلك قد يتم الاقرار عن طريق الاستفتاء الدستوري بالنسبة للمسائل ذات الأهمية الوطنية كما حدث بالنسبة لإقرار تعديل 3 نوفمبر 1988.
أما فـي ظل دستور 1963 فإن الإقرار النهائي يتم عن طريق الاستفتاء الدستوري ( المادة: 63)، وفي فرنسا يجب أن يعرض مشروع التعديل على الاستفتاء بعد الموافقـة عليه مـن قبل مجلسي البرلمان، ويمكن الاستغناء عنه إذا قرر رئيس الجمهورية عرض المشروع على المجلسين المنعقدين في صورة مؤتمر شريطة الموافقة عليه بأغلبية 3/5 الأعضاء المصوتين ، هذا إذا كان اقتراح التعديل مصدره الحكومة ، أما إذا كان مصدره البرلمان فلا غنى عن الاستفتاء الدستوري.
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإن التعديل الدستور لا يتـم إقراره إلا إذا وافقت عليه المجالس التشريعية ل ¾ الولايات المختلفة، أو عندما توافق عليه مؤتمرات عقدت في ¾ الولايات المختلفة.
*-/ إجراءات تعديل الدستور الجزائري الحالي ( دستور 1996):
لقد عالجت المواد174-178 من الباب الرابع من الدستور الجزائري الحالي إجراءات و مراحل تعديل الدستور وهي كالتالي:
أ – مرحلة الاقتراح:
إن المبادرة بالتعديل الدستوري تعود إلى كل من رئيس الجمهورية و كذلك إلى ¾ أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعتين معا ( الم م: 174، 177).
ب – مرحلة التصويت:
تتم بعرض التعديل على كل من المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة، اللذان يصوتان عليه حسب الشروط نفسها التي تطبق على النص التشريعي ( المادة:174 ).
ج – مرحلة الإقرار النهائي:
ويتم هذا عن طريق عرض التعديل على الاستفتاء الشعبي خلال الخمسين سنة (50) يوما الموالية لإقراره ، ولكن إذا رفضه الشعب فيصبح مشروع القانـون الـذي يتضمن مشروع التعديل الدستوري لاغيا، ولا يمكـن عرضه من جديد على الشعب خلال الفترة التشريعية، ( المادة 174،175)، لكن يمكـن الاستغناء عـن الاستفتاء الشعبي إذا ارتأى المجلس الدستـوري أن مشروع أي تعديـل دستوري لا يمس البتة بالمبادئ المنصوص عليها في المادة 176 من الدستور، وفي هذه الحالة يمكن لرئيس الجمهورية أن يصـدر القانون المتضمن للتعديل الدستوري دون عرضه على الشعب متى أحرز على ثلاثة أرباع (3/4) أصوات غرفتي البرلمان.
د – مرحلة الإصدار:
و هـي آخـر مرحلة بحيث يقوم بها رئيس الجمهورية سواء فـي حالة التعديل الذي صادق عليـه الشعب، أو فـي حالـة الموافقة علـى التعديل المقترح مـن قبل البرلمان ( الم م :174/2 – 177/2.).
و الإصدار بشكل عام لا يعد مرحلة تشريعية، لأن الإصدار هـو إجراء يقرر بموجبه رئيس السلطة التنفيذية و جود قانون تمت الموافقة عليه من قبل الشعب بنقله إلى المرحلة التنفيذية.