الدولة الدينية والدولة المدنية والدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية:
كثر الحديث عن تلك المصطلحات في الفترة الأخيرة، ولكن يجب أولا معرفة الفرق ما بين الدولة الدينية والدولة المدنية:
أولا الدولة الدينية هي تلك الدولة التي يكون الحاكم فيها يأمر وينهى باسم الآله. كما كان الحال على سبيل المثال في الدولة الفرعونية القديمة، حيث كان هناك بعض الفراعنة يظنون أنهم آلهة لا يمكن للبشر معارضتهم أو التفكير في أوامرهم، وكان ذلك قبل ظهور الديانات السماوية.
ثم ظهرت الدولة الدينية مرة أخرى في القارة الأوروبية عندما كانت الكنيسة هي المسيطرة على مجريات الأمور. وكانت هي التي تأمر وتنهي بإسم الدين فلم يكن لأحد الفرصة أن يبدي أي اعتراض على أي قرار تأخذه الكنيسة مهما كان، حتى قامت الثورة الفرنسية بعد ذلك لإنهاء عصر الدولة الدينية في أوروبا.
أما من أمثلة الدولة الدينية التي تنتمي (زعما) إلى الإسلام فهم الشيعة في إيران فقط ولم يعرف الإسلام دولة دينية مثلما عرفته الأديان الأخرى لفترة من الفترات على مر التاريخ. حيث أن الرسول صلي الله عليه وسلم عندما توفى كان الخلفاء الراشدون يعلمون أنهم خلفاء للرسول وليسوا خلفاء لله، وبالتالي لم يعتبروا أنفسهم معصومون من الخطأ وكان المبدأ السائد في الدولة الإسلامية حينها (أمرهم شورى بينهم) و(أنتم أعلم بشئون دنياكم) وبالتالي فإنها لم تكن دولة دينية ولكنها مدنية.
وبالتالي فإنه يمكن تلخيص الدولة الدينية في أنها لا يمكن لأحد من الشعب أن يفكر أو يعترض أو يقترح أو يعدل لأنه إن قام بذلك فإن ذلك معناه أن اعتراض على الإرادة الآلهية وبالتالي فإنه يستحق العقاب.
أما الدولة المدنية فهي تلك الدولة التي تعطي الحق لشعبها في أن يفكر ويعقل ويرجح ثم يختار ما يريد، فلا قدسية فيها لأحد والكل فيها سواسية أمام القانون. وهي دولة تعتنق مبدأ المواطنة، فلا فرق بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو اللون وإنما الكل مواطن له الحق في وطنه مثل الآخرين.
هذا كان الفرق بين الدولة المدنية والدولة الدينية باختصار، أما مرجعية الدولة في تشريعها فهذا هو الذي يدخلنا في قسمين آخرين وهما دولة مدنية علمانية أو دولة مدنية ذات مرجعية دينية. وبالتالي فإن كلمة (مدنية) لا تعني أبدا أن الدولة ستكون (علمانية) فمن الممكن أن تكون الدولة مدنية يكون الدين أو الإسلام فيها مرجعية لها عند وضع الدستور والتشريع