انعكاسات الربا على المجتمعات الإنسانية :
لا يمكن أن تقوم المجتمعات
الإنسانية ما لم يترابط الناس فيما بينهم بروابط الود والمحبة القائمة على التعاون
والتراحم والتكافل، ومنبع الود والمحبة والتكافل والتعاون والتراحم والأخوة بين
أبناء الأمة الواحدة .
و الأفراد في المجتمعات، أو
القطاع من الأمة الذين لا تؤرقهم آلام إخوانهم وأوجاعهم ومصائبهم كالعضو المشلول،
الذي انعدم فيه الإحساس، وانقطعت روابطه بباقي الجسد، ومثله كمثل ال****** الذي يدور
حول الرحى، ذلك أن اهتماماته وتطلعاته وغاياته تدور حول أمر واحد هو مصالحه
الذاتية، فلا تراه لدموع الثكالى، ولا لأنات الحزانى، ولا لأوجاع اليتامى، يرى
البؤساء والفقراء فلا يعرف من حالهم إلا أنهم صيد يجب أن تمتص البقية الباقية من
دمائهم .
ألم يصل الحال بالمرابين قسات
القلوب إلى أن يستعبدوا في بعض أدوار التاريخ أولئك المعسرين الذين لم يستطيعوا أن
يفوا بديونهم وما ترتب عليها من ربا خبيث .
ألم يخرج أبو لهب العاص بن
هشام إلى بدر، لأن العاص مدين لأبي لهب، ففرض عليه الخروج إلى المعركة بدلاً عنه .
كيف ينعم مجتمع إذا انبث في
جنباته أكلة الربا الذين يقيمون المصائد والحبائل لاستلاب المال بطريق الربا وغيره
من الطرق !! وكيف يتآلف مجتمع يسود فيه النظام الربوي الذي يسحق القوي فيه الضعيف
..
كيف نتوقع أن يحب الذي نهبت
أموالهم، وسلبت خيراتهم ـ ناهبيهم وسالبيهم !! إن الذي يسود في مثل هذه المجتمعات
هو الكراهية والحقد والبغضاء، فترى القلوب قد امتلأت بالضغينة ،و الألسنة ارتفعت
بالدعاء على هؤلاء الأشقياء الذين سلبوهم أموالهم، وكثيراً ما يتعدى الأمر ذلك
عندما يقومون بثورات تعصف بالمرابين وأموالهم وديارهم، وتجرف في طريقها الأخضر
واليابس .
" الربا يؤدي إلى العداوة والبغضاء والمشاحنات
والخصومات، إذ هو ينزع عاطفة التراحم من القلوب، ويضيع المروءة، ويذهب المعروف بين
الناس، ويحل القسوة محل الرحمة، حتى إن الفقير ليموت جوعاً، ولا يجد من يجود عليه
ليسد رمقه، ومن جراء هذا منيت البلاد ذات الحضارة التي تعاملت بالربا بمشاكل
اجتماعية، فكثيراً ما تألب العمال وغيرهم على أصحاب الأموال، واضربوا عن العمل بين
الفينة والفنية، والمرة بعد المرة . ومنذ فشا الربا في الديار المصرية ضعفت فيها
عاطفة التعاون والتراحم، وأصبح المرء لا يثق بأقرب الناس إليه، ولا يقرض إلا بمستند
وشهود، بعد أن كان المقرض يستوثق من المقترض ـ ولو أجنبياً ـ بألا يحدث أحداً بأنه
اقترض منه، وما كان المقرض في حاجة في وصول حقه إليه إلى مطالبة، بلا محاكم ومقاضاة
" .
و لقد بلغت خسة الطبع وفساد
الخلق بالمرابين اليهود إلى أن يتآمروا على المجتمعات التي فتحت أبوابها لهم، بل
على العالم بأسره، ويوقدون نيران الحروب، ويسعون في الفساد، وقد نبأنا القرآن
خبرهم، وكشف لنا جرمهم عندما قال :
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ
يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ
مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ
أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُفْسِدِينَ)
و قد نبه كثير من الكتاب
المحققين إلى أن أباطرة المال اليهود هم الذين كانوا وراء إشعال نيران الحروب في
القرن الماضي، كما أنهم هم الذين أوقدوا نيران الحربين العظميين في القرن . لقد
سالت الدماء أنهاراً، أهدرت ملايين من الدنانير، كل ذلك ليربو المال اليهود، وتعظم
سيطرة اليهود في العالم .