إنتاج الإبل للماء : يقوم الجمل بإنتاج الماء
والذي يساعده على تحمل الجوع والعطش وذلك من الشحوم الموجودة في سنامه بطريقة
كيماوية يعجز الإنسان عن مضاهاتها.
فمن المعروف أن الشحم والمواد
الكربوهيدراتية لا ينتج عن احتراقها في الجسم سوى الماء وغاز ثاني أسيد الكربون
الذي يتخلص منه الجسم في عملية التنفس، بالإضافة إلى تولد كمية كبيرة من الطاقة
اللازمة لواصلة النشاط الحيوي .
و الماء الناتج عن عملية
احتراق الشحوم من قبيل الماء الذي يتكون على هيئة بخار حين تحترق شمعة على سبيل
المثال، ويستطيع المرء أن يتأكد من وجوده إذا قرب لوحاً زجاجياً بارداً فوق لهب
الشمعة لاحظ أن الماء الناتج من الاحتراق قد تكاثف على اللوح . وهذا مصدره البخار
الخارج مع هواء الزفير، ومعظم الدهن الذي يختزنه الجمل في سنامه يلجأ إليه الجمل
حين يشح الغذاء أو ينعدم، فيحرقه شيئاً فشياً ويذوى معه السنام يوماً بعد يوم حتى
يميل على جنبه، ثم يصبح كيساً متهدلاً خاوياً من الجلد إذا طال الجوع والعطش بالجمل
المسافر المنهك .
و من حكمة خلق الله في الإبل
أن جعل احتياطي الدهون في الإبل كبيراً للغاية يفوق أي حيوان آخر ويكفي دليل على
ذلك أن نقارن بين الجمل والخروف المشهور بإليته الضخمة المملوءة بالشحم . فعلى حين
نجد الخروف يختزن زهاء 11كجم من الدهن في إليته، يجد أن الجمل يختزن ما يفوق ذلك
المقدار بأكثر من عشرة أضعاف ( أي نحو 120 كجم)، وهي كمية كبيرة بلا شك يستفيد منها
الجمل بتمثيلها وتحويلها إلى ماء وطاقة وثاني أكسيد الكربون . ولهذا يستطيع الجمل
أن يقضي حوالي شهر ونصف بدون ماء يشربه . ولكن آثار العطش الشديد تصيبه بالهزال
وتفقده الكثير من وزنه، وبالرغم من هذا فإنه يمضي في حياته صلدا لا تخور قواه إلى
أن يجد الماء العذب أو المالح فيعب فيعب منه عباً حتى يطفئ ظمأه كما أن الدم يحتوى
على أنزيم البومين بنسبة اكبر مما توجد عند بقية
الكائنات وهذا الإنزيم يزيد في مقاومة الجمل للعطش وتعزى قدرة الجمل الخارقة على
تجرع محاليل الأملاح المركزة إلى استعداد خاص في كليته لإخراج تلك الأملاح في بول
شديد التركيز بعد أن تستعيد معظم ما فيه من ماء لترده إلى الدم .
و هنالك أسرار أخرى عديدة لم
يتوصل العلم بعد إلى معرفة حكمتها ولكنها تبين صوراً أخرى للإعجاز في خلق الإبل كما
دل عليه البيان القرآني .