أيتها الأخوات ، أيها الأخوة
لقد وقع الاختيار عليكم لخوض غمار الانتخابات التشريعية القادمة وذلك بعد شهر واحد من حصول الحزب على اعتماده القانوني . لم يكن ضيق الوقت يسمح بالاستعداد الكامل كما نريد لهذه الانتخابات ، ومع ذلك توخينا مجموعة معايير حبذها القانون الأساسي للحزب شروطا للعمل في صفوفه وهي النزاهة و الكفاءة و الالتزام ونكران الذات . اختار حزب الحرية و العدالة ثلاثين قائمة انتخابية فقط إيمانا منه أن الواقعية ينبغي أن تتغلب على الطموح الزائد ، و أن الانتخابات التشريعية مسؤولية ثقيلة تفرض على المشاركين فيها اختيار رجال و نساء قادرين بأخلاقهم و كفاءتهم و خبرتهم في خدمة الشأن العام على تقديم البديل الأفضل الذي يتطلع إليه الشعب حلا لمشاكله الناتجة عن وتيرة التطور و التنمية ، و تنفيسا عن همومه اليومية التي تفاقمت لأزمة أخلاقية غير مسبوقة.
إننا في حزب الحرية و العدالة نعمل على المساهمة بكل ما استطعنا من أجل تجاوز ما وصلته الساحة السياسية من رداءة و من عجز أدى إلى عزوف المواطنين و المواطنات بكل فئاتهم عن دخول معترك العمل الحزبي و فقدان الأمل في العمل السياسي. و نعمل بكل ما استطعنا للوصول إلى إقناع الجميع أن التغيير ضرورة ملحة لا مفر منها إن لاعتبارات داخلية أو خارجية ، و أن التغيير السلمي ممكن عبر العمل السياسي النظيف و صناديق الاقتراع بشرط أن تتوفر الإرادة السياسية وتكف الإدارة عن الممارسات السابقة التي اضرت بشرعية المؤسسات.
إن الحزبية ليست استثمارا سياسيا لبناء النفوذ الشخصي و إعلاء عرش الزعامة ، لذلك كانت غايتنا الأولى هي بناء حزب عصري جاد و فاعل وهو الأولوية التي نركز عليها ونسعى لبلوغها من دون تسرع أو ارتجال . ومن هذه الزاوية تعتبر المشاركة في الانتخابات التشريعية خطوة أولى على طريق انجاز هذا المشروع الطموح .
إن المهمة المنوطة بكم أنتم طلائع القوائم الانتخابية الأولى التي يستهل بها الحزب نشاطه الرسمي بعد الاعتماد ليست فقط التنافس على مقاعد في البرلمان بل هي تبليغ رسالة الحزب و الحفاظ على رصيده الشعبي الذي اكتسبه من نزاهة قيادته و ثباتها على المواقف و المبادئ وهي كذلك السعي إلى تقديم القدوة للناس بالصدق في القول و الإخلاص في العمل و تفضيل المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة و التحلي بالأخلاق الفاضلة لأن الإصلاح الأخلاقي جزء من عملية التغيير السياسي وهو يتوقف إلى حد بعيد على إصلاح نظام الحكم و صب السلوك الاجتماعي في قوالب راشدة.
و أجدد التأكيد أن وصية الحزب لكل مرشحيه الحاضرين في هذا الحفل و الغائبين هي : لابد أن تقدموا المثل في تغيير أنماط السلوك السياسي الانتخابي و أن تقدموا ما يؤكد أن خدمة الجزائريين في نكران الذات ممكنة ، فكونوا طلائع لجزائر أخرى تشيع فيها الأخلاق و القيم و الإيمان الراسخ لأن العمل السياسي عمل يتنافس من أجله الخيرون و ليس باب للارتزاق و التربح أو المتاجرة بوعود غير واقعية.
لقد ارتأت قيادة الحزب تنظيم هذا الحفل ليس لقلة الثقة فيكم ، وإنما حرصا منها على إرساء تقاليد جديدة لبعث حياة سياسية جديدة تبدأ بإعادة الاعتبار للالتزام الحزبي بما يعنيه من وفاء لا يتزعزع لبرنامج الحزب وسائر نصوصه النظامية.
أدعوكم إلى تفضيل إقناع الناس على إغراء الناس و تفضيل الأخلاق على المال و أدعوكم إلى خوض حملة انتخابية نظيفة بضبط النفس ، لا شتم فيها و لا تجريح حتى تتركوا انطباعا حسنا لدى الناس ، وتلك نتيجة سوف توظف في بناء الحزب على أسس صحيحة.
إن القسم الذي ستؤدونه بعد قليل الواحد تلو الآخر هو فعل رمزي ولا قوة قانونية له ولكن أهميته المعنوية و الأخلاقية تتجاوز كل إلزام قانوني لأن الأمر يتعلق بالقسم بالذات الإلهية المقدسة ، و المترشح عندما يضع يده فوق المصحف الكريم يجب أن يتذكر أن الله جل جلاله أقسم لتبيان صدق نبوة الرسول "ص" أقسم بالقرآن الكريم بعظمته و قدسيته : بسم الله الرحمان الرحيم" يس و القرآن الحكيم إنك لمن المرسلين "صدق الله العظيم.
الجزائر في 04 أفريل 2012