كاسرات التغيير.
في زمن الحديث عن الثوارت العربية، أو ما بات يعرف بالربيع العربي ، لا تزال الشكوك تراود كثيرا من الجزائريين حول ما يمكن أن تنتجه إصلاحات الرئيس ، أو بالأحرى إصلاحات البرلمان ، دوافع ومبررات التشكيك تتمتع هذه المرة بنوع من المصداقية ، حتى خارج المعارضة الرادكالية ، و إنما هي معضدة بآراء الأكاديميين والباحثين الواقعين خارج الممارسة السياسية الفعلية.
بيان ذلك يبدأ من تلك المراوحة التي تعرضت لها نصوص الإصلاح بين هيئة بن صالح والرئاسة ، ثم بين الرئاسة و الحكومة والبرلمان، أين تبينا أن هناك تمنعا قويا من طرف جهات في السلطة لقبول التغيير، الأمر الذي جعل هذه النصوص تتعرض لسطوة اللوبي المستحكم للسلطة التشريعية ، وتجدر الإشارة هنا أن الفعاليات السياسية بما فيها المحسوبة معارضة تكون قد تلقت نوعا من الإغراءات التي جعلتها تنشغل بترتيب بيتها،أو تصميمه بالنسبة لحديثة الولادة، مع تسجيل الاختلاف بين هذه الفعاليات السياسية في أبعاد هذا التقبل.
ـ بيان ذلك أيضا يتأسس على ذلك السخاء المذهل الذي ظهرت به وزارة الداخلية، التي أضحت تتعامل بمثالية مفرطة مع طلبات تأسيس الأحزاب السياسية، أمام هذا السخاء حصل على إعتماد تأسيس حزب سياسي من كان يعجز عن نيل الثقة في تمثيل حيه أو قريته ، وليس حتى بلديته، أكيد أن ذلك مما تقتضيه الديمقراطية السياسية،غير أن الطابع الاستعجالي الذي تمت به العملية يشي بنوع من القصدية ، للتحكم في الوعاء الانتخابي الذي يمكن أن تفقده أحزاب السلطة جراء التذمر الذي بات تلمسه السلطة نفسها، بعد الانشطارات و الانفجارات والتفجيرات والتصحيحات التي حدث أو أحدثت في الأحزاب السياسية ، بما في ذلك الحزب المسمى " عتيدا".
بيان آخر لمشروعية التشكيك هو سير عمليات الترشح والترشيح للانتخابات التشريعية المزمع إجراءها يوم 10/05//2012، حيث أصبحنا أمام مزايدات مكشوفة في ترؤس القوائم، في ظل سيادة منطق المال الوسخ، وجهر أغلب الاحزاب بالمال كوثيقة إضافية ضمن وثائق الترشح ، هذا فضلا عن استنساخ نفس الوجوه في القوائم ، الامر الذي ضاعف من إمكانية وأد التغيير ، وبقاء قصر زيغوت يوسف على حاله، مادام كل حزب إنشطر إلى ثلاثة أو أربعة ، وفي أحسن الأحوال إلى اثنين ، فضلا عن القوائم الحرة التي خرج أصحابها من جبة الاحزاب التقليدية ، بعدما إطمئنوا بوجود المال الذي حصلوه من سخاء أجورهم كبرلمانيين ، ينضاف إلى ذلك أن هناك أحزاب عديدة أنشأها برلمانيون حاليون ، وأعادو ترشيح أنفسهم ورشحوا زملائهم من جديد.
وتبقي هذه البيانات مفتوحة، بترقب حيثيات سير العملية الانتخابية و الالتباسات التي يمكن يثيرها نظام الانتخابات الجديد، خاصة ما تعلق توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة ، وهي في اعتقادي ستقدم دليلا آخر على وأد التغيير.